التّــبيان في ذكرى وفاة ملك البيان بقلم: البشير بوكثير رأس الوادي


التّــبيان في ذكرى وفاة ملك البيان بقلم: البشير بوكثير رأس الوادي

التّــبيان في ذكرى وفاة ملك البيان  البشير الابراهيمي  بقلم : البشير بوكثير رأس الوادي

إهداء: إلى روح جدي الأكبر- في الأدب لاالنسب- الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى في ذكرى وفاته، أسوق هذه المحطّات.

هو محمد البشير، العالم الكبير ، والجهبذ النّحرير، والأديب اللبيب، والشّاعر الأريب، هو من أشرف القوم أصلا ومحتدا، وصدرا وموردا، ونجما وفرقدا، كان غُصّةً في حُلوق العدى ،أذاقهم السّمّ الزّعاف بل الرّدى، وكان للصّحب غيثا وموردا ، ومنهلا للجُود والنّدى، ماغرّدَ طائرٌ أو شدا ، والحمد لله لم تذهبْ جهوده سُدى .

يعود نسبه إلى الأشراف الأدارسة، ذوي الأطلال الباقية لا الدّارسة ،الضّاحكة لا العابسة ، فأكرمْ ياجزائريّ بالأشراف الأدارسة ! 

لقد عاش في هذا البيت، على قنديل الزّيت ، لايؤمن بـ”لو” ولا بـ “ليت”…!

علّمه عمّه “محمد المكي” الأصول والمُتون، ولقنه شتىّ ضُروب العلوم والفنون، فأتى بمالم يأتِ به الأوّلون، فقرّتْ به العيون، ونام مِلْءَ الجفون،مثلما نام “أبو الطيّب” في تلك السّنون.

بعدها يمّم شطر تونس الخضراء وتفيّأ ظلالَ “الزيتونة” الميمونة بجامعها العتيق، ودرسِها المُمّحص الدّقيق…

ارتشفَ من منهل” الزيتونة”، تلك الجامعة الميمونة، والدّرّة المصونة ، والجوهرة المكنونة، في أفئدة كل جزائري ساكنةً مدفونة، لكن وا أسفا على الزّيتونة …!، صيّرها أراذلُ القوم اليوم مَهيضةَ الجناح مغبونة.

ثم غادر إلى مصر المحروسة ،في رحلة قصيرة مدروسة ، طلبا للعلوم النّفيسة المحسوسة ، وهناك التقى بقادة الرأي وأعلام الفكر، وجهابذة العصر،ومصاقعة الدّهر ، من كل قُطْر ومَصر ، فأفاد واستفاد، ونهل من أزهرها الشّريف خير زاد، فصار في الورى الأسّ والعِماد.

بعدها غادر إلى الحجاز ، مهبط الوحي ومصدر الإعجاز،وسكنَ المدينة ، فتحرّكت لواعجُه الدّفينة ، وهناك التقى رفيق دربه، وبُطينَ قلبه” ابن باديس” الإمام، والمصلح الهُمام ، والأسد الضّرغام، في ساحِ مُقارعة اللئام الأشرار، فتدارسا أحوال الجزائر تحت نيـْر الاستدمار.

وبعد ثورة الحسين الشّريف – وماهو بشريف من يتحالف مع العدوّ ويُناصرالزّيف، ويقلبُ ظهرَ المِجنّ للطّاهر العفيف-، يهاجرُ العلاّمة الهُمام ، إلى بلاد الشّام ، فتبتسم له الأيام، وتُرخي له الزّمام.

وهكذا ساقته الأقدار، بعد حنين وادّكار،إلى شآم الأحرار، وهناك حلّق وطار ، وصار أشهرَ من علم فوقه نار …

أنشدَ للغوطة الغنّاء ،مواويلَ تُقطّع القلوب وتُمزّق الأحشاء ، وشدا لدمشق الفيحاء، و ترنّم لحلب لشهباء ، روائع الدّرّ وغنج الدّلال، بل السّحر الحلال، والماء الزّلال بلا جدال.

لقد خلّف ضراغمةً وأشبالا ، وربّى لُيوثا و رجالا ، صاروا فهودا وأسودا وأبطالا ، رضعوا لبان علمه شهْدا و حليبا، فنبغَ فيهم “جميل صليبا” …

عرفه الجامع الأموي ، في عصره الذهبيّ، فكان نِعم الأستاذ اللغويّ، والشيخ المربي الأبيّ…

ولمّا نادى المُنادي ، حيّ على الجهاد، لبّى النّداء، وعاد للجزائر الجريحة الولهاء، وأسّس رفقة أخيه ” ابن باديس” جمعية العلماء ، لإحياء ماضٍ تليد، وتاريخ مجيد، حاول طمسَه الاستدمار الرّعديد . 

ماذا عساني اليوم أقول في شيخ جليل حارب الجهل والحيْف، والبدع والزّيف ، ورسم معالم الحقّ بالحكمة لا بالسّيف. فهو المصلح الفقيه، والزّاهد النّبيه ، والشاعر النّادر، والبحر الهادر ، بل المحيط الزّاخر ، باللآلىء والجواهر .فأكرمْ به من مصلح ثائر !

لقد أخذ بيد النّشء إلى الفلاح والنّجاح، وغرس في قلوبهم محبّة آيِ القرآن والحديث الصّحاح، وأذكى مروءة العرب الأقحاح ، ونشر الخير ونثرَ بُذور الإصلاح، فوق هذه الوهاد والبطاح .

و هو ثاني اثنين في الجمعيّة ، بعزيمة قويـّة ، وهمّة ذكيـّة ، وسريرة نقيّة، ونفس أبيّة.إنـّه الأديب اللّبيب ، واللّغوي الأريب، العلاّمة الأمجد، والدرّاكة الأسعد، والنابغة الأوحد…
هو الفهّامة اللّوذعيّ، والعلاّمة الألمعيّ، والخطيب الأروعيّ، والمُفوّه السّميذعيّ: شيخنا البشير الإبراهيميّ الذي جمع فصاحة اللسان، وقوّة الجنان، ونصاعة البيان، فخجل من سحره سحبان .

لقد فاق “الأصمعيّ” في غريب اللغة والأنساب ، وبـَـزَّ “قُسّ بن ساعدة” في البلاغة وفصلِ الخطاب ، وأغاظ البُلغاء والوُعّاظ في سوق عكاظ ، حتّى قلّده “عبد المالك مرتاض”، فلم يأتِ سوى بالرّذاذ.

أبهر “علي الطنطاوي” في سرعة البديهة، والحافظة العجيبة النّبيهة، فهو كعنترة يوم الوغى والكريهة .

هو من نادى طول المدى : لن يتحرّر جسدٌ يحمل عقلا عبدا … وأنا أقول صدقت يا شيخي “البشير” فقد كنتَ في نحر “قمير” برقا ورعدا، ومُهنّدا صمصاما صَلدا ، لم يعرف يوما له غمدا، ممتشقا للعلا صُعدا.

كان أسدا هصورا، وهزبرا على الأهوال جَسُورا، ومُصلحا فذّا صبورا، ومجاهدا غيورا،يبغي تجارةً لن تبورا …

لقد أتى في منفاه بــ”آفلو” بالفرائد، فزيّن الطّروس بالقلائد ، فأكرمْ بها من درر وفوائد …!

حاز التقدير والوقار، وغرّد في سمائنا مثل الهزّار، فحفظ الأسرار، وبلّغ الرّسالة بكلّ اقتدار ، أكرمْ به من شهم مغوار ، لايشقّ له في ميدان البيان والجهاد غبار ..!

هو من وَشَمَ على جِيدِ الجزائر الحُبّ الصادق، ورسَم على هامتها الوفاءَ الخارق، ووسَم على قامتها الوردَ والزّنابق ، ودبّجَ بالدّمقس والنّمارق ،أحلى الرّقائق، وأقسم في حبّها بـ”السّماء والطّارق “، ولاغرو فهو سليل عقبة وطارق .
هو الرّجل الرّشيد،و العقد الفريد، والبلبل الغرّيد، والفكر السّديد، والمُربّي الفذّ الصّنديد، ومسطّر المجد التليد ، لأُمّة لن تبيد، بعزم يفلّ الحديد، وحزم يقهر الجبان الرّعديد. وهاهي ذكراه ، تتردّد على الشّفاه ، فكيف بربكم نسلو عنه أوننساه؟!

ذكراه دوما تعود، بالخير والبِشر والسُّعود،فترسم على الشّفاه البسمة واليُمنَ والجود، فكيف ننساه وهاهي ذكراه تتجدّد ويتردّد صداها في الوجود، ولابدّ أن تعود لتأخذ بناصية الأجيال وتقود، إلى المجد والسؤدد والصّعود، وتنثر عبقها مثل العنبر والعود، ويتضوّع أرجُها ليُسكِرَ الزّهر والورود، وأيْمُ الله هذا لساني “لي ياكلوا الدّود” عاجز عن التعبير في حضرة أسد الأسود .

ومهما أسهبتُ وأطنبت، ودندنتُ وأطربت ،فلن أزيد في القمر نورا ،أو في نفوس الورى سرورا . لقد كان السّنا والشعاع، والمؤانسة والإمتاع والإقناع ، وروعة الفكر وقمة الإبداع، وحكايته مع فتنة الضّاد صنعت الدهشة والإمتاع ، وترحاله في أرض الله بسطَ له جناح الفهم والإقلاع بلا شراع .

لقد تعرّفتُ على فكره منذ الصّغر ، فطافت بخَلدي أحلى الصّور، معلّما مصلحا يريد الظّفَر، يبني العقول يدكّ الحجر ، فيصنع في سنوات ، شبه معجزات، وتصير الفيافي بساتين خصبٍ ربوع نماء وحياة .

حارب الجهل والجمود، وقطع آلاف الحدود، متحديا كلّ القيود ، كاسرا جدران السّدود، فطلع النهار ، وأزهرت القفار، وتحقّق الانتصار ، على فلول الاستدمار، وانجلى الصّقيع، وأمْرعَ عشبُ الرّبيع، واكتسى بالوشي البديع ، معلنا ميلاد شعبٍ لا يبيع ، حفنةً من ثرى الوطن المنيع .

حديثك العذبُ -شيخي- تذوقناه عذبا، أينع زهرا وحَبّا ، وأورقَ وفاءً وحُبّا ، وسكن فؤادا خاليا واستوطن قلبا ، يهيم بحبّ الضادّ وينجذب إليها جذبا .

كلماتك-شيخي- ضمّدت جروحي، وبلْسَمت قروحي، وسمَتْ بمهجتي وروحي ، وشادت في الورى صروحي، وكانت ملهمتي بل نبضي وبوْحي … 
هل يوجد أشجع ممّن عمل في أشرف ميدان،وذاد عن حرمة التعليم الحرّ والإصلاح بأقوى سلاحٍ وأمضى سِنان ؟ وهو ميدان بناء الإنسان ، وتهذيب القرائح والأذهان ؟
لقد بلّتْ نفحاته وشوارده اللغوية ما في جوانحي من الصّدى ، وأنعشتْ عقلي الكليل انتعاشَ الزّهر بِلَثْمِ قَطْرِ النّدى ، وهزّتني فصاحتُه هزّةَ النّشوان، وسَحرتْني آياتُه الحِسان ، فجعلتني مثل العربيد السّكران -وإنّ من البيان لسحرا – ، هكذا نطق العدنان.
يا أحفاد الإبراهيمي الأمجاد:
لقد رضع جدّكم البشير لبان الضّاد، و تغنّى بها في كلّ ناد ، وحمل رسالة الأجداد، بهمّة أعجزتْ الصّناديد الشِّداد ، وكان لأعدائها دوما بالمرصاد، وهاهو ذا يتركها أمانة بين أيديكم أيها الأحفاد ، فهل تحفظون العهد ، وتذودون عن هذا المجد ؟
اسمعوا دُرر محمّد العيد آل خليفة حين صدح، مثل البلبل حتى بحّ ، وتذوّقوا أبياته السائرة واضربوا النحّ:

له قلم إنْ رامَ دفعَ الأذى بــــه *** فرمحٌ رُدينيّ وسيفٌ مُهنّد

وإنْ رامَ إذكاءَ العقول فمشعل*** وإنْ رامَ إرواءَ القلوب فمورد

وإنْ رامَ وصْفا فهو أجمل ريشة *** لأبرعِ رسّامٍ على الفنّ تُسعد

لقد كان للفصحى أباها وأمّها *** ومرجعها إنْ ندّ أو شذَّ مُغرّد

يسألونك عن الحب


يسألونك عن الحب
يسألونك عن الحب أنى للعاشق أن ينساه…
ذالكم الشعور الملهب في الأعماق سكناه …
يجافي صاحبه ليالي طوال والقمر ينعاه …
يسألونك عن الحب ..
قل يا حبيبي هو شغف القلب و الروح تهواه …
هو نعيم الموحدين في الحياة الدنيا وأخراه …
كلما هاجت في روحي الذكرى تمنت النفس لقياه …
هو الرفيق الحق برحمته النعيم أراه …
إلاهي ..عفوك أرجو فأرحم إنسان أظله هواه …
وساحة قد سك سكن المذنبين إغفرلي رباه …
يسألونك عن الحب ..
قل إن الحب في الله إله الحق أبغي رضاه …
فيه السكينة والرحمات فيه الهدى ذاك الذي أرضاه …
الحب للروح عطر وشذى. هو للقلب نبض يحياه …
هل يلتف الغصن بالغصن إلا بعبق الحب يملاه …
هل تظم الأم وليدها لصدرها إلا بالحب ورحماه …
الحب بوتقة مظللة بالسكينة والأمل يتغشاه …
الحب نعمة من الله فلا تجعله رذيلة شهوة تبغاه …
يسألونك عن الحب أنى للقلب أن ينساه …
شعور ملهب في أعماق الروح سكناه …
قل الحب في الله يا حبيبي ذالك …الذي أرضاه …
يسألــــــــــونك

دموع الحنين تحرق


علت امواج قلبي شوقا
وشوق القلب يمرض
هجر الصبر روحي
وهجر الصبر اصعب
سالت عينايا دموعا
ودمع الحنين يحرق
لم اعتد فراق الحبيب
ففراق الحبيب يتعب
بلغوها احر سلام
سلام عاشق حالة تحزن
اخبروها بما جرى لي 
فغياب اللبؤة عن العرين يضجر

مقامة المثقّفين ، ونزهة الشّعراء المبدعين . بقلم : البشير بوكثير رأس الوادي


هذا ليس عنوان كتاب لابن القيم الجوزية (روضة المحبّين ونزهة المشتاقين)، بل همسة حانية إلى كلّ مبدع يكتوي بلظى الاحتراق ، ويتنشّق عبير المداد والأوراق ، إلى أن تلتفّ الساق بالساق ، (إلى ربّك يومئذ المساق) .أهدي هذا التّرياق للمبدعين في عيدهم.
عندما يتحوّل اليراع إلى مدفع ورشاش ، يبيد الجراد المهلك والخفّاش ..فابتسم أيها المبدع الأصيل لأنّ الليل آذن بالرّحيل.
منذ سنوات طوال قرأت لجبران مقولة أثّرت في نفسي كثيرا يقول فيها  القلم سلاح الضعفاء والسيف سلاح الأقوياء).
لا يا صديقي الشاعر اللبيب ،والكاتب الأديب ، يامن غنّيتَ للحبّ والتّسامح والحياة ، وطرّزتَ بالدمعة والابتسامة جبين الأباة.
إنّ القلم في عصرنا سلاح الأقوياء البٌناة..فكم صال وجال ، وأسقط عروش الا ستبداد والهزال ، وهوى بتيجان مرصّعة بالزمرّد ووَهم الخيال .
القلم أيها الصديق اللبناني فرس جموح ،لا يمتطي صهوته سوى الطّموح.
إنّ سلطة القلم لا تدانيها سلطة لأنها ببساطة السلطة الأولى والأخيرة.
عندما أطوف وأسيح في عالم الكتب أقف مبهورا مسحورا بحياة العظماء :
لقد مات هيرودوت وأرسطاليس وسقراط و ابن العميد وابن المقفّع وبيدبا الفيلسوف ، ومات المتنبي وأبو تمام والبحتري ، ومات ابن تيمية والعزّ بن عبد السلام والطبري ، ومات العقاد والرّافعي و أحمد شوقي …
لكن هل مات فكر هؤلاء وشعر أولئك ؟
لقد فارقونا بالأجساد والأشباح ، وخٌلّدوا بالأفكار والأرواح..
وهل نسي الناس يا جبران -وقد طواك الثّرى- عواصفك ، وأرواحك المتمرّدة ، وأجنحتك المتكسّرة ، ودموعك وابتساماتك و…؟
لم ينس النّاس آثارك ومآثرك وروائعك.
ما أجمل حياة المبدع ..الفنّان ..الكاتب..الشاعر..الموسيقي ..القاصّ.!لأنّه يرسم أحلامنا وآمالنا و آلامنا بالحروف وبالألوان وبأعذب الالحان..
كم أنتشي ولا (أختشي) حين ينتج لنا فنّا راقيا وأدبا ساميا ، يرقى بالوجدان والشعور إلى عالم النّور .
إنهم كتّاب شباب ..شعراء شباب ..يلوكون تِبر الكلام والقريض وسحر البيان ، كما يلوكون الحلوى واللّبان..
مواهب كثيرة تحترق في رمال الجنوب ، وأحراش الشمال ، وأكواخ الأرياف ..هناك مع حفيف الأشجار و الأفنان ، وخرير الجداول والغدران ،يترنّمون بأحلى الأشعار ، كأنّهم بلابل وأطيار.
كهول وشيوخ تقوّست ظهورهم من معاشرة الدواة والقرطاس ، وابيضّت عيونهم من وهج الدفاتر وسنا النّبراس ،وشابت شعور و أشعار ، ومع كلّ شعرة حكاية طويلة مع مروج الذهب ، ونفح الطّيب ، والعقد الفريد ، والخمائل …
شباب وكهول عاشوا ويعيشون ، يحيون ويموتون ..للحرف والكلمة الصادقة الملتزمة ..
لم تغرهم يا صاحبي بهرجات الحياة ، ولا العقارات والسّيارات..لقد طلّقوا كلّ شيء ..وتأبّطوا -خيرا لا شرّا- دفاترهم وقراطيسهم متّجهين إلى مملكة الإبداع..مملكة الصفاء والحبّ والنّقاء.
لقد تركوا السّياسييّن يتقاتلون على كراسي البرلمان ، أمّا هم فذابوا في مملكة البيان .
في مملكة الإبداع لا مكان (للشكارة ) ولا (للبقارة)، ولا لمتاجر بالدين ، ولا لمتاجر بالوطنية والديمقراطية .
المملكة مملكة العاشقين العارفين الواصلين الحاملين همّ الأمّة في القلوب الحانية ، والألباب البانية.
مع فائق التقدير،
البشير بوكثير رأس الوادي

المقامة الرّمضانيّـــة – بقلم: البشير بوكثيـــــر


المقامة الرّمضانيّـــة
– بقلم: البشير بوكثيـــــر
    إلى الذّين جعلوا من شهر الصّيام شهرا للطعام، أرفعُ على السّريع شبه مقامة .
حدّثنا بَنان ، عن شهر رمضان قال:
في شهر رمضان، شهر القرآن والتّوبة والغفران، وشهر الصّيام والقيام، وهجْر الطّعام والمنام، قصدتُ مع صاحبي أشعب الهُمام مرابع الكرام، كي نصيب بعض الإدام بعد طول صيام …
زقْزقتْ عصافيرُ البطون، وترهّلت العيون والجفون، ويا فرحتي ها قد سمعنا قعقعة الملاعق والصّحون، وشممنا رائحة “طاجين الزّيتون”، فتقدّمنا من صاحب الدّار، وكّنا نظنّه من الأجواد الأخيار، لكنّه طرَدنا كما يُطرَدُ الأجربُ المطليُّ بالقار .
بكى أشعب وصاح :
هل هذا هو الشّهر الذي تُصَفّدُ فيه الشّياطين ، ويفرحُ فيه الأطهار الميامين ؟ فمابال أشباه الشياطين، يمرحون ويسرحون،و يحرموننا من حلاوة “الطاجين” ، تبا للملاعين …؟!
صِحتُ به : لاتكن الطّعّان اللعّان ، وأنت في شهر رمضان …
انتقلنا إلى حيّ عتيق،كأنّه الزّبرجد والعقيق، فلمحْنا في منتصف الطريق، قصرا منيفا، ورجلا يبدو كريما ظريفا ، سلّمتُ وحيّيت، وتضرّعتُ وبكيت ، وصاحبي “بنان” مطأطئ الراس، كأنه ضُرِب بمهراس .
هشّ الرّجل الظريف وبشّ، وأدخلنا القصر المنيف لاالعشّ، ووضعَ السّماط، على البلاط، حتى خِلتُ نفسي بالفسطاط…
كسّرْنا الأشواك ،لمّا استفتَحْنا بـ”البوراك”، وثنّيْنا بــ”طاجين الزّيتون”، فكلّ شيء في سبيله يهون، وثلّثْنا بــ”شربة لفْريك”،وكأننا مُحَلِّقيْـــن في “التّلفريك”،وربّعْنا بــ”المعقودة”،فصارتْ معدة ُ أشعب مثل خُردة مهرودة،
وسـألني بنان: ممّ صُنعت هذه المعقودة المهرودة ؟
قلت : صُنِعت من مُخّ الخروف ،يا “حلّوف”، “زِيدْ خلّطْها بالبوزلوف” ، كي أستريح من نَهَمِك يا ملهوف .
واصلنا معركة الصّحون، والحديث يا إخوتي ذو شجون ،حين خمّسْنا بـ”الشّرْبة”و”الحريرة”، وارتكبنا أكبر جريرة، لمّا طلبنا “العُصْبان” والشخشوخة ، ياخاوتي صارت كرشي منفوخة ، فأرسلَ بنانُ معزوفةً و رَنّة،كالطّبل إذا غنّى..
وهنا هاجَ صاحبُ الدّار ومَاج :
ياسي الحاج، سَدِّسْ بـ”شطيطحة الجاج”، وماعليك بأسٌ ولا إحراج .
قلتُ في الحال: ونُسَبِّعُ بــ”الدّولمة”، في زمن “العولمة”، ونختمها بـ”الشوارما” …
خاطبني بنان وهو زعفان :
يا ملهوف ، وهل نسيت “السّفّة” و”المسفوف” ، وهل تُراك تناسيتَ “الكعبوش”، في زمن تَهاوي العُروش ؟
صاح صاحب الدّار :
أستحقّ الخسف والقذف، والعار والشّنار ، لأني أدخلْتكم الدّار …
قلتُ : لاتكن بخيلا أيّها الثّرثار…
سَنخْتِم هذه الجلسة البطنيّة لا الأدبيّة ، بصحنٍ من الباقلاوة والزّلابيّة”، ثمّ نُتْبعُها بـ”قلب اللوز”، فكلّ شيء عندكَ يجوز.
نطق بنان : الآن” لازم انّحي السّماطة بالدّيسير والسّلاطة ، ونزيد نْصلّي التّراويح في زاوية ” شلّاطة”، ونعرّج على صديقنا “بوزرواطة ” في “خرّاطة” كي نُصيب السّحور، وخلّي الموتور يدور ياخويا قدّور.
              رأس الوادي في : 30 شعبان 1434هــ / 9 جويلية 2013م

ثقف نفسك معلومات و حقائق


معلومات و حقائق:

– بطاطس برينغلز ليست مصنوعة من البطاطس .. فقط %42 منها مصنوعة من البطاطس أما ما تبقى فانه مصنوع من الطحين و الرز.

-جلوسك لوحدك في الظلام بهدوء تام وبدون إستخدام أي أجهزة كهربائية لمدة ٥ دقائق أو أكثر في اليوم يساعدك على تجاوز حالة التوتر والقلق.

-تقريبا 80% من ذكاء الطفل يأتي من جهة الأم.

-اول مالك لشركة مالبورو للسجائر مات مصاباً بسرطان الرئه.

-85% من الاشخاص يغيرون نص الرسالة كله إذا لم يعرف تهجئة كلمة واحدة.

-عندما تصاب مراة حامل بضرر في احد اعضاءها [مثل جلطة في القلب] يقوم الجنين بارسال خلايا جذعية للأم ليساعدها في اصلاح الضرار ‫

-لاتطلب من الشخص أن يهدأ إذا كنت أنت سبب غضبه، لأن ذلك سيزيد من عصبيته وتوتره.

-أن تُصبح كسولاً تماماً في ٤ أيام من الشهر هو شيء جيد ومفيد لصحتك جسدياً ونفسياً.

-تزداد سعادة الإنسان عندما يكون مشغولا، ولكنه مبرمج على الكسل!

-يمكنك زيادة احتمالية اقناع شخص ما بعمل شيء ما لك بطريقتين : الأولى أن تهمسها في أذنه اليمنى الثانية أن تمسك بساعده و أنت تطلبها منه.

-بؤبؤ عينك قد يتوسع بحوالي %45 عندما ترى شخص تحبه.

-هل تعرفون معنى اسم الله “الجبار” ؟ كثير منا يعتقد انه يعني القوي الشديد هو يعني: الذي يجبر القلوب المنكسرة ، سبحانك ما أرحمك.

-البعوض بعد أن يمص دمك يتبول عليك !.

-تكلم مع نفسك فهذا يجعلك أكثر ذكاءا وليس مجنونا كما يعتقد البعض.

-مشاهدة فلم رعب قد تحرق ٢٠٠ سعرة حرارية أي ما يساوي نصف ساعة مشي.

المقامة التّبّانيّـــــــــــــــــة بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي (الجزائر)


إهداء: إلى روح العلاّمة والفهّامة “محمّد العربي بن التّبّاني” رحمه الله تعالى ،أرفع هذه المقامة .
حدّثنا الفتى الهُمام، عن شيخ العلماء في المسجد الحرام، بعد أنْ صام وقام :
هو “محمّد العربي بن التبّاني”، العالم الرّبّاني ، والزّاهد الرّوحاني، وشيخ العلماء في المسجد الحرام، وبليغ بُلغاء الكلام، وجهبذ الفقهاء في معرفة الحلال والحرام .
ولد بمدينة الأجواد، وقلعة الفقه والعلم والجهاد، وقبلة النّشامى الأمجاد، “رأس الوادي”.
حفظ القرآن، وهو غضّ الأفنان، طريّ العود والأغصان، فكان فتى الفتيان، في حلبة العلم والعرفان.
هو النّاسك العابد، الورِع الزّاهد، وحمامة المساجد، وهوالرّاكع السّاجد، للقاهر الواحد، الذّي  شرفت به قبيلة “أولاد عبد الواحد” ، لمّا حفظ المتون وأتقنَ مبادئ العقائد، فأتى بالفرائد وحازَ زبدةَ الفوائد.
 تلقّى العلمَ الرّاسخ، على شيخِ المشايخ، “عبد الله بن القاضي اليعلاوي”، ولا عجب  في ذلك يا عمّي “لهْواوي”،فهو سليل خاله الشيخ “السّعيد بلعيساوي”، الذي سارتْ بذكره الرّكبان في الحواضر والفيافي .
فقد حثّه على السّفَر، والجلَد والصّبر، بعدما غرسَ فيه العفاف والزّهد والطُّهْر، ليكون العالم الحَبْر، في ذلك العصر، ولافخر .
وفعلا لبّى النّدا، وأغاظ  بعض العِدى، فحطّ عصا الترحال، في الحال، في رحلة ميمونة،إلى جامع الزّيتونة، الدّرّة المصونة، والجوهرة المكنونة، فكان بحقّ، مثلما نطقتْ  به ألسنة ُالصّدق “ممّن أدركَ العلم بالمصباح، والجلوس إلى الصّباح، وبالسّفر والسّهَر، والبكور إلى الفجْر “.
 ومن الزيتونة الميمونة، يمّمَ شطر المدينة ، حيث أدركَ السّادةَ النّجباء، والمشايخ الأجِّلاّء، والفقهاء النّبهاء، والمصاقعة البُلغاء، فنهل من معين شيخ شنقيط، لامِن الماجنِ العبيط ،صاحبِ”مالَ بنا الغبيط”، كما أخذ العلم على “حمدان لونيسي”، أستاذِ شيخنا “الباديسي”، الذّي فاقَ في عصره نباهةَ “الإدريسي”.
   ولمّا جعلَ العلم زاده، وغايته ومراده، وبوصلته وسداده، فقد نقلَه دعاءُ   الأولياء الكرام ، إلى المسجد الحرام…
 حين وصل تلك الدّيار، احتضنَه الأطهارُ الأخيار، وأفْرَشوا له القلوبَ والأزهار، وهاهو ذا يرتشف الماء الزّلال،من أفواه الرّجال، فيغرف من فصيح الكلام، ويعرف ترويض الأفهام، من العالم القَمقام، ومُحقّق ذاك الزّمان،”عبد الرّحمن الدّهّان”، صاحب الدّرر الثِّمان، والآيات الحِسان، في فهم بلاغة وأسرار القرآن.
 نِعْمَ الجليس ، حين اعتلى كرسيّ التّدريس، فأزالَ كلّ دجلٍ و تلبيس وتدليس، ولاغرو في ذلك فهو صنو “الإبراهيميّ” و”ابن باديس”، في مقارعة وكشف زيف “باريس”.
وهاهو الشّيخ الجحْجاح، والقمر الوضّاح،  والقنديل والمصباح، ينشر الشّذى الفوّاح، فيغمر البطاح، فتظهر للناس مدرسة “الفَلاح”، على نهج القرآن، والأحاديث الصّحاح ، وتصون  عقيدةَ المسلم وسليقة العرب الأقحاح .
 لقد رجَحَ علمُه في الميزان، وعلا شأنه حتّى بزَّ “بديع الزّمان”، بزهده تنمّقَ العلمُ وازدان، وفاحَ بالعبَق والعنفوان، في خميلةِ العلم والعرفان، فأهدى تلامذته  صدْقَ الإيمان ، على طبَقٍ من  السّوسن والرّيحان.
 أيْ بُنيًّ : انهض ولا تقعد، والحقْ بالعلاّمة الأمجد، والدّرّاكة الأسعد، والفهّامة الأوحد، فهو في فنون النّحو والسّيرة والتّجويد، مثل “يحي عبد الحميد” ،أو “ابن العميد” في الكتابة والتّنضيد، يأتي بالمفيد، لكلّ طالبٍ مُريد،  وهو مَنْ قرّبَ وسهّل  المسالك، إلى” مُوطّأ الإمام مالك”، وبذلك أنقذ َالعامّة والخاصّةَ من شرّ المهالك .
  أتى بالعجب، في خدمة لغة العرب، وهاهو ذا كتابه ” محادثة أهل الأدب، بأخبار وأنساب جاهليّة العرب”، يُغنيكَ عن المال والذّهب.
 عرفَتْه الحلقاتُ الشّرعيّة، والمنابر الدّعويّة، مُنافحا عن السّيرة النبويّة ، والعقيدة السّلفيّة ، لا التّلفيّة ،فقد ختمَ على مُريديه  سيرة ابن هشام وعقود الجُمان، والإتقان في علوم القرآن، ولسان الميزان، وفتح الباري والإصابة، وأسد الغابة في تراجم الصّحابة، والكامل لابن الأثير، وتاريخ الطبري لابن جرير، ووفيات الأعيان لابن خلِّكان، وطبقات الشافعيّة، دون أن ينسى طبقات المالكيّة  .
   وإذا أردتَ الزّيادة، فاقصد حلقةَ درسه في “باب الزّيادة”، وإذا أردتَ نيل الحظوة ،وإبعاد البلوى والصّبْوة، فجالسْه في “الحصوة”.
 وإذا أردتَ أن تكون من ذوي الحصافة والنجابة، فاقرأ سِفره” إتحاف ذوي النّجابة، بما في القرآن والسّنة من فضائل الصّحابة”.
وإنْ شئتَ اختصار الكلام ، عن المسجد الحرام، فعليك بكتابه ” خلاصة الكلام، فيما هو المراد بالمسجد الحرام”.
 وهبَه الإله الأكرم، سرعة الحفظ والفهم، ونعمة الزّهد والعلم، وشيمة الورع والحِلم، حتّى شُبِّه بــ”ابن أدهم”.
 حازَ المكرمات، فكانت له كرامات، في تلك البقاع الخالدات، والجَنَبات الطاهرات ، واسمع لهذه الأبيات الرّائعات، لتلميذه “محمد أمين كتبي” وهو يصدح بالشمائل الخالدات ، لإمام الزّهد في الفلوات:
  مَن كان يعتزّ في علم وفي أدب ** بشيخه فأنا أعتـــــــزّ بـ”العربي”
شيخٌ تمكّنَ فيه الفضلُ فانبثقـــتْ ** أنواره فحكتْ سيّارةَ الشُّــــــهُب
 هذا ربيعٌ فلا تعجب إذا جمعتْ ** هذي الحدائقُ بين الزّهر والعشب
    رأس الوادي في :27 جوان 2013م

مع فائق التقدير،
البشير بوكثير رأس الوادي

المقامة النَّحْناحيّــــــة – بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي


 المقامة النَّحْناحيّــــــة
– بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي (الجزائر)
إهداء: بمناسبة الذّكرى العاشرة لوفاة الشّيخ محفوظ نحناح رحمه الله ،أرفع هذه المقامة عربون وفاء وتقدير لهذه القامة .
  حدّثنا البشير الحمساوي قال:
هو الشيخ “نحناح”، الشذّى الفوّاح، والفكر النّضّاح ، والذّهن المتوقّد اللّمّاح، والسّلسبيل الأقاح، رائد الدّعوة والإصلاح، في هذه البطاح، له القلوب دوما ترتاح، ولذكراه ترنّم البلبل الصّدّاح، وتضوّعَ العنبر  وفاح..
هو مَن أسكتَ النّحيب والنّواح، فصمتَ العويل والصّياح، لمّا في الورى نادى وصاح:” الجزائر حرّرها الجميع ويبنيها الجميع، فذا ب الجليد وانجلى الصّقيع، وعمّ رُبى الجزائر  السّلام والوئام وأمْرعَ الرّبيع .
    سكنَ حبُّه القلوب ، فزال الكدر والشّحوب، بعدما  كفكف الدّموع الحرّى، وأوقد الشّموع تتْرى، فأسعدَ الورى طُرّا …
 هو الفارس الهُمام، واللّيث الضّرغام، والسيّد القَمقام، والشّجاع المقدام، عالي الشّان ورفيع المقام، صار للجزائر الشّارة والوِسام.
  هو المربي الألمعيّ، والداعية اللوذعيّ، والسّياسيّ الأروعيّ، والمصلح السّميذعيّ، ذو الوجه البهيّ، والخلق الزّكيّ، والقلب النقيّ الرّضيّ.
 خطبَ بحماسة ، فهدّ للباطل أركانه وأساسه، وقارع بالحجّة أساطين السّياسة، فأدخلهم متحف  سوق النخاسة، فشتان بين الطّهر وبين النّجاسة !
  هو حكيم الزّمان، وفارس البيان، نشأ في أحضان الذّكر والقرآن، وتربّى في مدرسة الإخوان…
هو سيّد الرّجال، وبطل الأبطال، حين تتكسّر النّصال على النّصال، جميل الفِعال، كثير النّوال، سهرَ الليالي الطّوال، ودافع دفاع الأشاوس الأبطال، في ساح الوغى والنّزال، وقارع الاحتلال، حتى فكّ عن شعبه القيود  والأغلال.
وجعل أسطورة جيش “قمير” إلى زوال …مُحال أنْ يستوي الماء الآسن مع الماء الزُّلال !
خاض ثورة التّحرير، فكان الفارس النّحرير، كما شارك في معركة البناء والتّعمير ، فأتى بالشّيء الكثير في زمن يسير ،وقاد النّشء نحو التغيير ،بفكر النّاقد البصير ..
عرفتْه مدينة البليدة ، رجلا ذا همّة شديدة، وحكمة سديدة، ومآثر حميدة، فقد جمعَ كلّ شمائل القيادة الرّشيدة.
أسّس الجماعة ،على السّمع والطاعة، فبايعتْه الوفود وهي تحثّ الخُطا سِراعا، بعدما اتّخذتْ من سيرته منهجا ومَركبا وشِراعا.
 وهذا -يا بنيّ- رفيقه ” محمّد بوسليماني” السّيف اليماني، والفصيح الهمذاني، واليعربيّ القحطانيّ، كان له السّند، والسّاعد والعضد، حين قلّ العَوْن والمَدد.
عشقَ لغة الضّاد، وترنّم بها في كل ناد، وهامَ بها في كل واد، وكان للرّطانة بالمرصاد، حيث تصدّى للتغريبيين الأوغاد، بحكمة وسداد، وبحجّةٍ يُعضّدها الفقه والرّشاد ،فكفانا  شرّهم ، وردّ كيدهم إلى نحرهم .
 هو رجلُ تسامحٍ وحوار، في زمن اللاّحوار،   بل في عشريّة قتل الأحرار الأطهار، والأطفال الصّغار،في سنواتِ  الجمر والدّم والنار.
حاربَ سياسة الفرْنسة والمرْكسة والتّغريب،  والفساد والتّخريب ،ونافح عن الهُويّة الإسلامية والتّعريب، ودافع عن “باديسية” الجزائر بمنهج مفكرٍ لبيب، وفكرِ مصلحٍ أريب .
ذاق ويلاتِ السجون، وتجرّع سمّ القهر والمنون، بصدرٍ رحب حنون، فقضى أصعب السّنون، رابط الجأش في دينه غير مفتون، مُتّخذا شعاره: أكون أولا أكون ، رسالةً لأجيالٍ لاتخون …
والحديث عن السّجون ذو شجون !
وفي السّجن نادى المنادي، ياحسرة ًعلى العباد، تركوا إرث الأمجاد، وتمسّكوا برَوْث الأوغاد، ونبذوا ظهريّا هدْيَ خير العباد.
كان السّجن محنة أعقبتْها منحة، وقُرحة عطّرتْها فوْحة، وضيقا أعقبته سِعة ًوفُسحة.
فقد كوّن فيه أُسْدا وأشبالا ، شرّعهم قسِيّا ونبالا، وهيّأهم للجزائر ضَراغِمة أبطالا.
فهل يستوي مَن ” اشترى -كيّة” بمن زهد في “المرسيدس و الـ kia”..!
 كان حصيفَ الفكر، واسع الصّدر، حاضر البديهة بعيد النظر، شديد الحذر، خبيرا بمكمن الشرّ والخطر، فانبرى للإصلاح والإرشاد ونادى حيّ على الفلاح، فخرجت جمعية الإرشاد والإصلاح،للناس مثل إشراقة الصّباح .
ثم أسّس حركة حماس،  الدّعامة والأساس ،على منهج القرآن والسنّة والقياس ، فكانت الوهج والنبراس، ملأت الدنيا وشغلت الناس، على الرّغم من  كيد بعض  الأنجاس .
 دخل معترك السّياسة ، بفطنة وكياسة، فخاض استحقاق الرئاسة، لكن تدخّلتْ قذارةُ السّياسة، فحوّلتْ عرسَ الديمقراطية إلى رجس  ونجاسة ، فما كان من حكيم السّياسة إلاّ أنْ تنازل عن الحقّ ليحقن دماء الرّعيّة والسّاسة .
 ولا عجب فهو المجاهد الأصيل، والرّجل الشّهم النبيل، أرّقتْه الحُقرة والضّيم فصاح صيحةً تشفي الغليل:” حقّار الرجال يموت اذْليل ” ..
كفر بالحُقرة والبيرو قراطية ، واحتقر الاشتراكية والارستقراطية، وآمن بقيم العدالة والشورى -قراطية …
 في العشرية الحمراء سكتَ العلماء وما سكت، وصمتَ أشباهُ السّاسة لكنه ما صمت، بل كان شعاره” من أجل الجزائر عشْ عزيزا أو فَــلْتمُتْ”..
وكم غلبه الشوق والحنين، إلى معشوقته فلسطين، فقد جأر بالآهات والأنين، وجهر بالصّبابة والهيام والحنين، وبكى الثرى والطين، واستبكى ملاحم بدر وحطين،حتى تمزّق منه القلب وتصلّب منه الوتين، فمات وفي قلبه حرقة، وعلى شفاهه شهقة، على رام الله والخليل وغزّة وجِنين..
مات الرجل الأمين، أبو المساكين، ونصير المستضعفين،  فبكته الملايين،في الجزائر كما في فلسطين، لأنه كان الحصن الحصين، والمدافع  الشّرس الرّصين على قضية فلسطين .
 هيهات لايجود الزمان بمثله ** إنّ الزّمان بمثله لبخيل
وإنّي يا أخي “مقري ” أسمع بعض الهمس، من ذاك الرّمس، الذي غيّبَ البدر والشّمس ،يهتف بكم:
يارجال “حمس”…صونوا الوديعة كما بالأمس، ولاتبيعوا مجد “حمس” بثمن بخْس، في هذا الزّمن النّحْس …
       فهل سمعتم النّداء يارجال “حمس ” …؟!
   رأس الوادي في : 19 جوان 2013م

المقامة اللّورنسيّــــة . بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي (الجزائر)


المقامة اللّورنسيّــــة .
بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي (الجزائر).

وقفة : ما بين الجاسوس الصّهيوني  الفرنسي ” برنار ليفي “،  و الجاسوس البريطاني  المتصهين “فلورنس العرب” ضاع الأعراب والعرب.
إلى أتباع لورنس العرب، وأشياع حمّالة الحطب …
ما أشبه الليلة بالبارحة !
 واعذروني إنْ قسوت وما جفوت، فالحبيب يقسو على من يحبّ …
حدثنا علقمة النحوي قال:
يمّمت شطر العرب، فوجدتُ بلادهم تغلي وتضطرب، من المصائب والنّوب، وثورات حمّالة الحطب …
 أشْعل أوارها، ونفخَ سعيرها و وذرى قتامها وغبارها، ورفع شعارها أعراب كانوا ولازالوا   الجَرب والعطب والكُرب …
هم من أهانوا الإسلام والصّلاة والسّجّادة، وحازوا القيادة بالخنا والخيانة و”لقْوادة”…
 ولاعجب فقد رضعوا حليب العمالة منذ الولادة ، فاستحقوا تاج الغباء والحمق والبلادة …
آه …يا شيخ “حمادة” لو عشت هذا الزمن لضاعت منك حكمة المشايخ والسّادة ، ولهجرتَ “مسك الغنائم”- مستغانم – بالولادة .
 هم الأعراب …عقلهم خفيف، وفكرهم سقيم سخيف، ومكرهم بالليل كما بالنهار مخيف ، وغدرهم يسري في العروق كما يجري الدّم الشفيف في الشّريان الأبهر الرّهيف …
كم ظلموكَ يا إسلام، حين قنّنوا لشريعة الغاب والقتل والحِمام، وتفنّنوا في وأْد البلابل والحَمام، وأعدموا الزّيتون وأحرقوا معه  غصن السلام ، وسجنوا الليث الضّرغام، وباعوه في عيد النّحر للأزلام …
هنيئا لك يا” صدّام”، ميتة الشّهداء  الكرام …
كم ظلموك أيّها الربيع، حين جعلوك سوقا للنّخاسة و البيع، باعوا فيه السّوسن والرّيحان، ورهنوا شقائق النّعمان، وابتاعوا الشّوك والسّدرة والصّبّار، لأنّ ثقافتهم لاتتجاوز رِجل الناقة وحافر  الحمار …
   خدعوا الدّهماء  بأكذوبة تحرير الإنسان من أخيه الإنسان، وأدخلوا غريب الدّار ، وأهدوه حريمَ السّلطان، ودمّروا الإنسان والبنيان ، وقطعوا رؤوس الشجعان، وأكلوا قلوب الفتيان، لاكوها  بالأنياب والأسنان، فصاروا أضحوكة  هذا الزّمان، في الهمجيّة والطغيان…
 لقد هدّوا الأركان، وفتحوا باب الشيطان، بفتاوى ما أنزل الله تعالى بها من سلطان .
لقد عرفناك أيها الربيع مُزدانا  بالأزهار والنُّوّار، وبشدو الزرزور والهزّار، وبزقزقة الحَسّون وتغريد الأطيار ، وبحُداء  الجوري  في قافلة الأزهار، وبخرير مياه السّواقي والأنهار، وبوشْي الثمار والأزهار ترفل في الحلّة القشيبة والخِمار ، في الليل كما في النّهار …
أمّا ربيعكم أيّها الفُجّار الأشرار، فقد تسربل بالنّار، وتبرْقش بالحديد والصّديد والدّمار، وتوشّى بالإعصار،حين عزَف “عرّابوه” سمفونية القتل والانكسار ، والغدر والختل والانتحار ، وأخرسوا سمفونية “موزار”.
كم ظلموكِ أيتها الحريّة، حين أراق الأعراب باسمك ِالدّماء الزّكيّة، وهتكوا  عِرض كل شريفة تقيّة …
كم ظلموا حقوق الإنسان، وقد جعلوها الشّعار والعنوان، في ثورات ربيع الشيطان، فقتلوا روح الإنسان، ودمّروا الأوطان، وأشاعوا الخراب والدمار في كلّ مكان ،  بمؤامرة بادية للعيان، لاتخفى حتى على العميان، ذكّرَتْنا بقصة “لورنس العرب “، وما فعله بالأعراب والعرب، الذّين استجاروا بالإنجليز، وطردوا الأتراك وجلبوا  قردة ” شيمون بيريز” …
وليس عجيبا على أتباع العاهر لا الشّريف  ، حين تحالف مع الإنجليز وأعمل السّيف ، وحكَم بالحيْف ،فهدّ الخلافة، وحاز  السّخافة، فمُنح  على خيانته العُصافة ، بعدما باع بغداد والرّصافة …
و سلْ “فلورنس العرب”، و”سايكس بيكو”   دعك الآن من ميسي  و زيكو..فما أشبه الليلة بالبارحة يا عرب  الجَرب !
لكن ليس فيكم رجل رشيد ،حصيف الفكر سديد، يفقه خبث اليهود،  ومكر أبناء القرود …
هو التاريخ يعيد نفسه، وهاهو  العربيّ الغبيّ يحفر  رمسه بنفسه، ويُغيِّب بَدْرَه وشمسَه، وينشر بؤسَه، ويندب بعدها حظّه وتعسَه…
 لكن  أعراب العرب، كما خبرتهم يا ولدي هم الجرب ،ومنهم كل العطب، ألِفوا تكرار  الخطأ والزّلل، فهم كالأنعام بل هم أضلّ.
لهم عِرق دسّاس، بعيد عن أرومة المهلهل وجسّاس، عِرقهم في بني قريظة وهاواي، سلْ عن جدّهم الأول “مردخاي” …! و ستتيه حتما  مع أغاني  ” الرّاينا راي”…
لقد نشروا الفتن، وقسموا الأوطان وزرعوا المحن ، وضيعوا بوصلة تحرير الوطن .
مالكم يا أعراب  نكأتم جراح غزة ، فضيّعتم الشّرف والعِزّة ، فولولتُم تبكون الأطلال وتتلهّون  بالتشبيب كما “كُثير عزّة” …!
ها قد تفتّقت الموزة يا”موزة”، وتهشّمت الكوزة، وتسنّنت الحوْزة، فما لك يا “مُوزة”، تأكلين” الكيوي”  وترمين المَوزة و تتعبّدين في الحوزة، ثم تكفرين بالجوزة والموزة؟
قلت يا صاحبي : دعك من الموز والكيوي ، في زمن العهر، وتكلّس الفكر ..إنّه زمن “بني وي وي” .
             رأس الوادي يوم: 26 ماي 2013م

بأي بوح سأبوح


سأبوح بأي بوح سأبوح 
بكلماتي أو صمتي 
بحزني أو سعادتي 
لقد بح صوت كلماتي 
لأن عقلي  قد حار 
و قلبي قد توقف على ما يسمى شعور 
 أبوح بما لدي من شعور أو حكايات لا تكفيها الكتب 
أو بصمتي ؟؟
بماذا أبوح بغدر الحبيب 
أو خيانة صديق ؟؟
بماذا أبوح بضيق الحال 
أو نقص المال ؟ 
بماذا أبوح بقتل مباح 
أو أعراض تستباح ؟
بماذا أبوح ؟؟؟؟؟؟؟؟
دع كلماتك في صمت فلم يحن وقت البوح يا قلمي
تريث حتى تهدأ الأمور